Tuesday, October 21, 2008

قصه قصيرة


توقف ممدوح العسال عن العمل فجأة وشرد بذهنه قليلا فى هذا الخاطر الذى يطارده بإصرار عجيب هذه الايام لكنه سرعان ما عاد الى عمله مره أخرى , فمديرة الذى أصبحت العلاقة بينهم فى الأونه الاخيره متوتره و لا تنبىء بخير قد سأله مائة مرة عن هذا التقرير الذى يعده منذ الصباح
ثم نظر الى شاشة الكمبيوتر ليجدها مليئة بملفات الاكسل و الارقام و الجمع و الطرح و و و و ....
يلقى نظرة اخرى على مكتبه ليجدة هو الاخر يكاد يختفى تحت كم الاوراق الهائل التى لا تحوى أيضا سوى الارقام و القيود المحاسبيه الممله لدرجة أنه كاد أن ينسى لون سطح المكتب
حاول أن يغمس نفسه فى العمل ليبعد عن ذهنه التفكير فى هذا الخاطر اللعين لكن دون جدوى فدائما ما يأتيه هذا الخاطر على حين غفله فيشغل باله قليلا ثم لا يلبث ان ينسى مع زحمة العمل و طلبات مديره اللحوح التى لا تنتهى
لكن هذه المرة الح عليه بشده ......
نظر الى السقف نظرة خاوية و قال لنفسة
هل ستمضى حياتك هكذا مربوطا فى ترس كالثور من العمل الى البيت و من البيت الى العمل
ذلك العمل ذو الاجر الزهيد الذى لا يكاد يكفيك أنت و وزوجتك و اولادك
ثم يرد على نفسه ليقول أن الوقت قد مضى و ان ما بقى من عمره لن يكون ابدا مثل ما مضى منه حتى لو بقى الكثير فلا الظروف و لا زوجته و لا أولاده و لا حتى صحته ستساعدة على تحقيق ما كان يريده
قام من على مكتبه ثم غادر الشركة وسط نظرات زملائه المتسائله عن سبب خروجه قبل نهاية الدوام دون إذن من المدير الذى لم يكن ليأذن له على كل حال
لم يحدد ما هى وجهته بعد لكنه لم يتردد كثيرا لأنه لا يعرف سوى بيته و عمله فبمعادله بسيطه نجد أنه لن يتجه الى مكان سوى بيته
و بالفعل دخل شقته الصغيرة فى الطابق السابع بدون مصعد و هو يلهث و يتصبب عرقا فأولج المفتاح بصعوبة فى الباب و دخل فإذا بزوجته تستقبله و هى ترسم على وجهها أعتى علامات التعجب و الدهشه و تقول كأنها رأت عفريتا
بس الله الرحمن الرحيم أنت ايه اللى جابك يا راجل
لم يرد عليها و لم ينظر اليها حتى , فأخر شىء يريد أن يراه الان هى زوجته بملابسها الملطخه بالصلصه المسبكه و هى تحمل طفلة و المخاط يتدلى من أنفه
دخل غرفة نومه و اغلق عليه الباب و اخرج الشنطه السمسونايت التى يحتفظ فيها بأوراقه و اوراق الاولاد و عقد زواجه و عقد الشقه و كراسه قديمه اصفرت اوراقهاو بات من الصعب قرآة ما كتب فيها لولا أنه هو من كتبها بيده منذ ما يقرب من عشرين عاما
يقلب فى الصفحات بهدوء حتى لا تتقطع فى يده
يقف عند صفحه كُتب فى منتصف سطرها الأول عنوان بخط كبير
الأهداف المرحلية
أخذ يتذكر هذا اليوم منذ عشرين عاما و هو يجلس على مكتبه بعد أن استلم شهادة بكالوريوس التجارة و ظل لساعات يكتب خطته للسنين القادمة من حياته و كيف انه قسمها لمراحل عديده أخر مرحله منهم أنه فى نهاية الثلاثينيات من عمره سيكون جالسا على مقعد جلدى وثير و أمامه لافته صغيرة مكتوب عليها
ممدوح العسال رئيس مجلس الادارة فلطالما رأى اسمه يصلح لأن يكون رجل أعمال مرموق
فرغ من ذكرياته و أحلامه فألقى الكراسه المتأكلة من يده و اخرج بطاقته الشخصيه و طفق يحسب عمره الأن كأنه لا يعرفه ليجد أنه تجاوز الاربعين بعده سنوات
لم يجد أمامه الا ان يكركع من الضحك حتى سقط على ظهره من شدة الضحك و لم يوقفه الا صوت زوجته و هى تصرخ
إنت اتجنيت يا راجل
فقال : الظاهر كده فعلا يا عنايات